خصائص الاسرة
سوف نتناول في هذا الموضوع ثلاث نقاط متتابعة أولها التعرف على أنماط الاسرة في الواقع المصرى ثم نتناول خصائص الأسرة بصفة عامة والتي إذا توافرت في أسرة أمكن القول أن مثل هذه الأسرة تعتبر صالحة لأن تقوم بدور كبير في تطبيق وتنشئة أفرادها وفقا للصالح العام المستهدف في ضوء سياسة المجتمع ، ثم سنتناول ملامح وسمات الأسرة المصرية المعاصرة وذلك كما يلى :
أولا : أنماط الأسرة في الواقع المصرى :
ا- الريف المصرى :
كان الشكل الرئيسى للأسرة إلى وقت ليس ببعيد هي الأسرة الممتدة فالأسرة في القرية كانت تميل إلى زيادة حجمها ، لأن زيادة الحجم كانت له أهمية إجتماعية واقتصادية في نفس الوقت ، وكثرة عدد أعضاء الأسرة في حد ذاته كان مث؟ أعلى بغض النظر عن المركز الاقتصادي ، والزيادة في حجم الأسرة ترجع إلى الزيادة الطبيعية ، وهي نتيجة مباشرة لنظام الزواج ، فهناك الزواج المبكر لكل من الولد والبنت ، كما أن هناك نظام تعدد الزوجات والذي يؤدي إلى زيادة في حجم الأسرة وتعدد وظائف الأسرة ..، والأسرة الممتدة في الريف قد تضم أكثر من ثلاثة أجيال . .
ولكن هذه الصورة قد طرأ عليها كثير من التغير ، فقد وجدت كثير من الدراسات أن الأسرة الممتدة أخذت في التقلص في قلب الريف المصرى ، وهناك دلائل لإنتشار الأسرة الصغيرة .
عوامل التغير التي ساعدت على زيادة إنتشار الأسرة النووية في الريف المصرى :
- – تفتيت الملكية وتوزيعها على أفراد الأسرة بعد وفاة كبار السن وتحول الكثير عن الزراعة إلى مهن أخرى ، وخاصة بعد ازدياد التعليم ، ومن ثم استقلالهم اقتصاديا عن أسرة التوجيه . ..
- – زيادة الإقبال على التعليم بالنسبة للذكور والاناث ، وقد دفع التعليم بالأبناء إلى شق طريق أخر لهم بعيدة عن الزراعة، ومن ثم استقلالهم عن الأسرة .
- – الهجرة إلى الخارج والعودة برؤوس أموال توجه إلى مشروعات ، أما يتعلق بالزراعة مثل تربية المواشي أو الدواجن أو مشروعات تجارية وخاصة السيارات التي تستغل في النقل الداخلي بين القرى وهذا بدون شك يحقق الاستقلال الاقتصادي للأبناء واعتمادهم على أنفسهم في الحياة بعيدة عن الحاجة الاقتصادية للأبناء واعتمادهم على أنفسهم في الحياة بعيدا عن الحاجة الاقتصادية للأبناء واستقلالهم عن الأسرة ، لأن هذا الإستقلال الاقتصادي يعتبر الأساس في إزدياد حجم الأسرة النووية .
- – زيادة وسائل الاعلام وإنتشارها في قلب الريف المصرى ، ووصولها إلى كل بيت وهذا يتيح الفرصة باستمرار للتعرف على الأفكار الحديثة .
- – أثر التصنيع على التغير الاجتماعي ، فقد أقبل كثير من سكان القرى المجاورة للمصنع على العمل به واعتباره مورد رزق وخاصة بعد تفتيت الملكية مما أدى إلى تغير أشكال المعيشة
- – تحسين وسائل الاتصال بين الريف والمدينة مما يساعد على سهولة انتقال أهل الريف إلى المدينة ، وهذا يساعد على الاحتكاك بثقافة مختلفة قد تعده لتقبل التغير . . . .
وهذه العوامل قد تعمل متفردة أو معا على تغير المجتمع الريفي ومن هنا تغير نمط الأسرة باعتبارها جزءا من النسق القرابی .
۲ – الأسرة في الحضر :
يعتقد غالبية العلماء بأن الأسرة في البلاد التي تأخذ بسياسة التصنيع تتجه إلى النمط المعروف بالأسرة الزواجية ، ويختلف هذا النمط إلى حد كبير عن غيره من الأنماط السائدة في المجتمعات الريفية .
فالأسرة الزواجية تتميز بصغر حجمها ، وضيق نطاقها ، حيث أنها تشتمل على الزوج والزوجة والأولاد المباشرين ، فهي تتكون من جيلين فقط هما جيل الآباء وجيل الأبناء .
وتتجه الأسرة الزواجية إلى مسكن مستقل حيث يقيم الزوجان بعيدا عن أسرة التوجيه،
ويترتب على إقامة الزوجين في مسكن جديد :
انفصال أسرة التوجيه عن أسرة الانجاب ، ضعف الروابط القرابية ، واستقلال الزوجين بشئونهما وتحررهما من الضوابط غير الرسمية التي يفرضها الأقارب ، كما أن من السمات المميزة للأسرة الزواجية أنها محدودة في بقائها واستمرارها ، فالأسرة تبدأ في الإنهيار عندما يتزوج الأبناء أو يموت أحد الزوجين ، وتختفي نهائيا بموت الزوجين . ..
وعلى الرغم من تأكيد غالبية العلماء بأن الأسرة الزواجية هي النمط السائد في المجتمعات الصناعية ، وهي أكثر الأشكال ملاعمة النمط الانتاج الصناعي ، إلا أن هناك ظاهرة ملفتة للنظر ظهرت في المجتمع المصري في السبعينات ، وهي عودة الأسرة الممتدة إلى قلب الحضر ولاشك أن هذه الظاهرة هي نتيجة ظروف إجتماعية واقتصادية ، فغنى عن البيان أن المجتمع يتعرض العديد من المشاكل ، تعتبر مشكلة الاسكان إحدى المشاكل الرئيسية للمجتمع المصري ،
وقد أدت هذه المشكلة إلى ظهور نمط أسري جديد يمكن أن نطلق عليه الأسرة الممتدة المعدلة ، فدمعوبة حصول الأبناء على مسكن مستقل ، وجعلهم يقيمون مع أسرة التوجيه . ومما لاشك فيه أن الاقامة المشتركة يرتبط بها نمط من العلاقات يختلف عن تلك النمط الموجود في الأسر النووية، فهو يقترب من نمط العلاقات الموجودة داخل الأسرة التقليدية حيث تقوم الجدات برعاية الأطفال ، ونقل الثقافة إليهم بالطرق التقليدية ، كما أن الصراع الذي ينشأ داخل الأسرة يرجع إلى الفجوة بين جيل الوالدين وجيل الأبناء .
تعرف على : إستشارات ما قبل الزواج والخطوبة
ثانيا : خصائص الأسرة :
- أنها أول جماعة إجتماعية ، بل وأول خلية يتكون فيها البنيان الاجتماعي وهي أكثر الظواهر الاجتماعية عمومية وإنتشارة ، فلا نكاد نجد مجتمع يخلو بطبيعته من النظام الأسرى وهذا أساس الإستقرار في الحياة الاجتماعية إذ لا يمكننا أن نتصور حالة الإنسانية. إذا لم تكن منتظمة في أسرة وإن كانت الأسرة الإنسانية في المجتمعات المختلفة على مدور متباينة من حيث الإتساع والمهام الموكولة إليها ، ولاشك أن هذا الإختلاق مرجعه أن الأسرة الإنسانية قد مرت بعدة أطوار وحدث فيها تغيرات ، وقد أثر كل ذلك في شكلها وكيانها ووظائفها وأدى بها إلى الحال التي نراها الآن في المجتمعات المعقدة ، وبمعنى آخر إلى الصورة التي نراها عليها الآن في المدن الكبري
- تقوم الأسرة على أوضاع ومصطلحات يقرها المجتمع ، فالزواج والقرابة في الأسرة والعلاقات الزواجية والواجبات المتبادلة بين عناصر الأسرة وكل هذه الأمور يحددها المجتمع .
- تعتبر الأسرة الأطار الذي يحدد تصرفات أفرادها فهي التي تشكل حياتهم وتضفي عليهم خصائصها وطبيعتها وهي مصدر العادات والعرف والتقاليد وقواعد السلوك والآداب العامة وهي دعامة الدين والوصية على طقوسه ووصاياه ، ويرجع إليها الفضل في القيام بأهم وظيفة إجتماعية وهي عملية التنشئة الإجتماعية لأن الطفل لابد وأن يروض على أن يكون كائنا إجتماعيا والأسرة في المعلم الأول الذي يقوم بعملية الترويض الإجتماعی .
- الأسرة بوصفها نظاما إجتماعيا تؤثر فيما عداها من النظم الإجتماعية وتتأثر بها فإذا كان النظام الأسرى في مجتمع ما منحلاوفاسدا كإن صدى ذلك ينعكس على وضعه السياسنی وإنتاجه الإقتصادی ومعاييره الأخلاقية ، وبالمثل إذا كان النظام الإقتصادي أو السياسي فاسدا فإن ذلك يؤثر في مستوى معيشة الأسرة وفي خلقها وتماسكها .
- تعتبر الأسرة وحدة إقتصادية وتبدو هذه الخاصية واضحة إذا رجعنا إلى تاريخ الأسرة حيث كانت قائمة بإنتاج ماتحتاج إليه كما كانت تقوم بمختلف أوجه النشاط الإقتصادی کتوزيع ماتنتجه على أفرادها أو عند الضرورة بتبادل هذه المنتجات مع غيرها من العشائر على صورة من الصور ، كما في حالة الهدايا الملزمة التي كانت تقدم في المناسبات والتي كان لزاما أن ترد إلى المهدين في الوقت المناسب .
- الأسرة هي الوسط الذي إصطلح عليه المجتمع لتحقيق دوافع الإنسان الطبيعية والإجتماعية مثل بقاء النوع وتحقيق الغاية من الوجود الإجتماعي وتحقيق الدوافع الغريزية والجنسية والعواطف الأبوية والأمومة والأخوة وما إليها .
ملامح وسمات الأسرة المصرية المعاصرة
من الممكن تحديد مجموعة من السمات التي تتصف بها الأسرة المصرية المعاصرة ويمكن تحديد تلك الملامح والسمات فيا يلی :
- تعتبر الأسرة المصرية المعاصرة أسرة كبيرة الحجم أي تتكون من الأب والأم ، والأبناء والأجداد ، وإن كان هذا الحجم أخذ في الإنخفاض في القرية أكثر منه في المدينة مما يجعلنا نرى أن الأسرة القروية هي من سمات المجتمع المصري المعاصر ..
- الأسرة المصرية أسرة أبوية تتسم بسلطة الأب فهو له حق الولاية على الأبناء وتربيتهم وله حق الولاية على الزوجة وتوجيهها .
- تتسم الأسرة المصرية بكثرة التناسل ويرى الريفيون أن كثرة الأبناء يعبروا عن القوة الإقتصادية المنتجة ويزداد متوسط حجم الأسرة في الريف عنه في المدينة مما يؤدي إلى إجهاض برامج تنظيم الأسرة وتردى معدلات التنمية في المجتمع .
- يسود إرتفاع سن الزواج في الطبقة الوسطى :من الظواهر الأسرية البادية على الأسرة المصرية المعاصرة ، وهو إرتفاع سن الزواج سواء بالنسبة للرجل أو المرأة ، وهذا راجع إلى عديد من العوامل على رأسها الإهتمام بالتعليم والحرص على إستكمال الدراسة الجامعية بالنسبة لكل من الذكور والإناث ، كما أن العامل الإقتصادي له دور أساسي في تأخير سن الزواج ، لأن الشباب لايستطيع أن يقبل على الزواج إلا بعد أن يكون قد وصل إلى وضع إقتصادي مناسب يمكنه من أن يبدأ الحياة الزوجية . ولاشك أن وصول الشباب إلي هذه الدرجة في الأوقات المعاصرة ، وتتطلب منه كفاحا ومعاناة مما يضطره إلى تأجيل موضوع الزواج . ومن الملاحظ أن هذه الظاهرة (تأخر سن الزواج ) هي من أكثر الظواهر إنتشارا في الطبقة الوسطي لأن هذه الطبقة تحرص دائما على تعليم أبنائها ، بل تدفعهم إلى تحقيق مالم يستطيعوا هم تحقيقه وتسعى لكي يسلك أبناؤها الطريق للوظائف الكبرى ، وهذا من شأنه أن يجعل شباب الطبقة الوسطى يؤجلون زواجهم ، لإستكمال خطوات المستقبل .
- تتسم الأسرة المصرية بعدم الإستقرار وزيادة معدلات الطلاق وخاصة في المجتمع الريفي ، وهذا يؤثر على إستقرار الأسرة وتعرض الأبناء للإنحراف وزيادة المشكلات وظهور الأمراض الإجتماعية في المجتمع .
- مازالت وفيات الأطفال مرتفعة نسبيا في المجتمع المصري بالرغم من توفير فرص الرعاية الصحية والطبية المجانية لأبناء المجتمع وقد يرجع ذلك لأن المجتمع الريفي يشكل الغالبية العنلي للسكان وما يرتبط به من ثقافات شعبية تؤمن بالوصفات البلدية ، والخرافات في علاج الأمراض..
- مازالت مكانة المرأة المصرية أقل من الرجل ، وأن فسر بعض و الباحثين ذلك بسبب القيم السائدة في المجتمع وإرتفاع مكانة الزجل بوصفه مائل الأسرة والمسئول عن رعايتها إقتصاديا واجتماعيا …. إلخ .
- المرأة المصرية إمرأة عاملة منذ الأزل وإن كانت لم تعرف العمل بمفهومه الصناعي إلا حديثا ، وهذا الوضع الأخير عرض الأسرة الحديثة للكثير من المشكلات الاسرية كنقص رعاية الأطفال وعدم وفائها بإحتياجات زوجها وأبنائها إلى غير ذلك من المشكلات .
تطور مكانة الطفل :
من الظواهر الملفته للنظر في الأسرة المصرية المعاصرة هو زيادة إمتياز الأطفال ، وتراجع سلطة الوالدين .
ففي القديم كانت سلطة الوالدين ( وخاصة الأب ) على الأبناء واضحة، وكان تدخلهم في شئونهم الخاصة سواء مايتعلق باختيارهم مجالات التعليم ، أو إختيارهم للزواج قويا ولكن حدث تغير في مكانة الطفل داخل الأسرة ، فأخذت تزداد السيطرة الفردية ، وتتراجع حجم سلطة الوالدين ، بل الأكثر من ذلك أخذ الوالدين برضخان في مواقف كثيرة لمطالب أبنائهم ( كأن يفرض الأبناء على الوالدين الأماكن التي يرغبون قضاء عطلاتهم الصيفية فيها وهذه ناتجة من قوة شخصية الطفل) . .
ومن الأشياء الملاحظة أيضا : أن أصبح الوالدين يحرصان على توجيه أبنائها إلى مجالات العمل والتعليم التي تحقق عائد مادية كبيرة أكثر من المجالات التي تحقق لهم المكانات الأدبية ، ولاشك أن هذا راجع إلى سيطرة الطابع المادي على جميع جوانب المجتمع . . .
تعرف على : تأثير الخلافات والمشاكل الزوجية على الأبناء / التربية الجنسية للابناء
ازدواج الدور بالنسبة للمرأة داخل الأسرة :
من الواضح أن المرأة في الأسرة المديرية تعيش مزدوج الدور ( دورها التقليدي زوجة – دورها الحديث كعاملة ومنتجة ) .
فبرغم حصول المرأة المصرية على كثير من الحقوق والامتيازات ، وبرغم وصولها إلى المناصب الكبيرة في مختلف المجالات ، إلا أنها تقوم بجميع الأدوار التقليدية كزوجة بجانب أدوارها الجديدة خارج الأسرة ، والغريب أنها تقوم بهذا برضا، وبدون رفض أو مطالبة الرجل مشاركتها هذه الأدوار ، وهذا في تصوري إلى عاملين :
- تمسك الرجل المصرى بدورة التقليدي ، فبقدر سعادته للارتباط بزوجته قد تكون مهندسية أو طبيبة بقدر حرصه على دوره التقليدي كرجل .
- العامل الآخر هو قوة نسق القيم ، وسيطرته على المرأة مها يجعلها مكبلة بالقيم التقليدية ، ولهذا نجدها متقبلة وضعها المزدوج بدون إعتراض ،
خصائص ومميزات الأسرة في الاسلام | د.عبدالمحسن السلمي / الاستقرار الأسري