موعظة من أزمة كورونا – انسان

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

موعظة من أزمة كورونا 

لاشك أن أزمة وباء كورونا أثرت إقتصاديا ومادياً وطبياً على العالم بأثرة وأهتمت الصحف بمتابعة عدد الإصابات وعدد الوفيات ، لكن سننظر لأزمة كورونا من منظور أخر وهو منظور ” الأخلاق ” وفي هذه السطور القليلة نكتب إليكم عن أزمة الأخلاق وقصة عن رفض دفن طبيبة توفت وهي تعالج مرضى ومصابي كورونا 

موعظة من أزمة كورونا - انسان

 
إقرأ عن  : مسودة مشروع تكافلي مجتمعي في ظل أزمة كورونا كوفيد 19

أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير

إذا ما عدنا إلى المجتمع الجاهلي وجدناه – وهو المزحوم بكثرة من الرذائل – لم يخل من قيم إنسانية جليلة من أهمها النجدة والمروءة والشهامة والرجولة، فالنفس العربية تفخر دائمًا بما تقدمه من مساعدات إنسانية ومواقف بطولية تجاه المظلومين والضعفاء، ولعل أشهر مثال على ذلك “حلف الفضول” في الجاهلية وكان لنصرة المظلوم، ولقد دعي إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأجاب، وفي الإسلام قال الله لنبيه: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” (سورة الأنبياء، الآية: 107).

قيم جميلة تمسك بها في ظل الازمة 

هذه القيم الجليلة جاء الإسلام فحافظ عليها ودعا إليها، فهي ركن عقدي وواقع تطبيقي، فالإنسانية من أهم ما تميز به الإسلام، لا يفرق في الشدائد بين لون أو عرق أو دين، ويكفي أن كلمة “إنسان” تكررت في القرآن ثلاثًا وستين مرة.

ثم إننا في مجتمع يزعم أنه يتميز عن غيره بصفات النجدة والشهامة، وأنه في أوقات الأزمات والمصائب تظهر معادن الرجال، أين هم الرجال!! أم أننا استبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير.

الضمير الإنساني في ظل ازمة كورونا 

أخاطب بهذا الكلام الضمير الذي مات، والقلوب التي قست وتحجرت، والنفوس التي أحاط بها المرض من كل جانب، والمبادئ التي سقطت وتبعثرت مع أول امتحان، إذ امتنعت هذه النفوس عن دفن (طبيبة) ماتت بفيروس الكورونا – أو يشتبه في ذلك – بحجة العدوى، وهي طبيبة كانت في خدمتهم حتى أنها فقدت روحها لأجلهم، ودون أدنى مبررات هي نفس إنسانية لها كل معاني التقديس والإجلال والاحترام في كل الأديان وفي بنود كل الدساتير.
الحقيقة أن هذه النفوس غابت عنها كل معاني القيم الجاهلية والإسلامية والإنسانية، ألا لعنة الله على القلوب المتحجرة والنفوس المريضة.


ألا يا هؤلاء، أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، أتستبدلون الأنانية والفردية بالروح المجتمعية الجميلة والنبيلة، والقسوة بالرحمة، والدونية بالشهامة، ألا بئس ما صنعتم!
ثم أين هي حرمة الموت في الأديان والأعراف، والإسلام حفظ للإنسان كرامته حيًا وميتًا، فإكرام الميت سرعة دفنه، كما حرم الإسلام نبش القبور، وأخبرنا النبي الكريم أن: “كسر عظم المؤمن ككسر عظم الحي” (رواه أبو داود عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها).

وأذكر من روائع المواقف الإنسانية ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما مرَّت به جنازة فقام، فقيل: إنه يهودي؟!‏ فقال: أليسَتْ نفسًا؟ (رواه البخاري). 

هل جهل هؤلاء هذا الواقع النبوي، أم أنهم استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير!
ولا أزعم أن المجتمع كله قد انقلبت موازينه، واستبدل النذالة بالشهامة، إلا أنها ظاهرة تستحق الدراسة المتأنية والمتخصصة، وإلى هذا الوقت فالدور كبير والحمل ثقيل والعقبة كؤود والدروب وعرة أمام الدعاة والمربين في دورهم تجاه دعوتهم ثم أمام المجتمع الذي يريدونه.

فلا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، والسلام.
كتبه /عمر بن عبدالعزيز
‫0 تعليق

اترك تعليقاً